أحد التويتريين وضع رابطاً قبل أيام يظهر فيه، حسب الزعم، أحد الضباط الكويتيين «يتدرب» على أكل الأرانب الحية. يعني قيادة أركان الجيش الكويتي في القرن الواحد والعشرين تعد ضباطها على البقاء أحياء فيما لو تاهوا في الصحراء، وانقطعت بهم السبل، وتوقف الإمداد والتموين «اللوجستي» عنهم.
العقلية التي تدرب ضباطنا على أكل الأرانب الحية هي العقلية ذاتها التي تتولى إعداد مناهج وزارة التربية. والضباط الذين صمموا الدورة هم خريجو المدارس الحكومية والخاصة التي تهيمن وتشرف على مناهجها وطرق تدريسها مجاميع التخلف المفوضة من قبل حكومة دولة الكويت منذ منتصف السبعينات وحتى الآن. وإلا قولوا لي كيف لشخص في عصرنا الحالي ولديه اطلاع على وسائل وتكنولوجيا الاتصال الحديثة ألا يزال يتصور أن الضابط بحاجة إلى أن يتعلم كيفية البقاء حياً إذا ما تاه في الصحراء؟ علماً بأن أكل الأرنب حياً أو مشوياً ليس مشكلة على الإطلاق.. المشكلة الأساسية وينه.. وكيفية صيده؟!.. أو أين بقيت صحراء في العالم الحالي.. أو لماذا سيغزو الجيش الكويتي صحراء كلهاري مثلاً؟! بالمناسبة، الضابط كان يتدرب على قتل الأرنب بيده، على طريقة الكراتيه، يعني حتى سكين أم خمسين فلساً لم يوفرها له الجيش الكويتي.
لهذا، فإن المرحوم الأمير الشيخ جابر الأحمد لا يلام فيهم عندما اعترض قبل خمسين عاماً على استمرار البديهيات ذاتها، والانشغال بحل معضلات أصبحت محلولة أصلاً في ظل وجود الآلة والإمكانات العصرية الحديثة. من المؤكد أن الكثيرين سيتساءلون: لماذا اكتفى الشيخ جابر الأحمد بالاعتراض، ولماذا لم يتول الأمر بتطوير التعليم وتغيير المناهج؟
الأمر ليس بالسهولة التي يتصورها الكثيرون. فمجاميع التخلف لديها جذور، وأصبحت لها مع الأسف ركائز قوية في المجتمع من الصعب اقتلاعها بين ليلة وضحاها. المرحوم الشيخ جابر الأحمد عندما توفر لي، حين التقيته مع وفد «السياسة»، شرف سؤاله في بداية السبعينات عن أسباب تعثر تنفيذ تعهداته وتصوراته التي حددها في بيان 24 حزيران، رد «بأن أصحاب المصالح ومراكز القوى» تصدوا للبيان. وإذا كان لنا أن نتصور أن مجاميع التخلف تمكنت يوماً من تعطيل سياسات جابر الأحمد، فإن لنا أن نتصور كم هي قوية، وكم نحن بحاجة إلى جهد استثنائي من أجل النهوض وتجاوز العوائق وكسر القيود التي نصبتها وأحكمت إغلاقها مجاميع التخلف.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق